و قام القطار

حدث هذا فى الثلاثينات .. كانوا ثلاثة أشقاء .. الأصغر فى السابعة ، و
الأوسط فى سن الثانية عشر .. و الأكبر تخطى الثلاثين.. و كانوا يعيشون
معاً فى محبة و ألفة و وئام ، لا يفترقون أبداً .. يشدهم إلى بعض عقد وثيق
.
أرادوا أن يستقلوا القطار الذى يقوم من دمنهور إلى الأسكندرية .. و
كانوا قد أعدوا عدة السفر .. و ركبوا ( عربة حنطور ) و هى وسيلة الاتصال
فى ذلك الزمان.
و قبل أن تصل العربة إلى محطة السكة الحديدية ، و فى
منتصف الطريق كبا الجواد و تعطل الأشقاء الثلاثة دقيقة واحدة ، ريثما نهض
الجواد من كبوته و استأنف المسير .. و عندما وصلوا إلى رصيف المحطة ، فى
ذات اللحظة ، تحرك القطار ، لقد تأخروا عن الوصول نصف دقيقة .
و ثبت من مجريات الأحداث أن القطار قام قبل موعده بدقيقة واحدة .. و هذا يحدث نادراً .
و
لعل الأشقاء الثلاثة تعجبوا : ( كيف) كبا الجواد فى الطريق لتضيع دقيقة ،
و (كيف) قام القطار قبل موعده لتضيع دقيقة أخرى ؟ كل ما فهمه الثلاثة فى
هذه الآونة أن الله لا يريد أن يستقلوا هذا القطار . و عليهم الانتظار
ساعات أخرى ليستقلوا القطار التالى – و لكن القطار التالى لم يقم أبداً فى
هذا اليوم !
ثم تفيدهم المحطة أن القطارات ألغيت فى هذا اليوم .. لأن
الطريق معطل .. و القطار الذى قام و فاتهم الركوب فيه ، اشتعلت فيه
النيران ، و احترق جميع الركاب ، و القلائل الذين نجوا ، هم الذين ألقوا
بأنفسهم من النوافذ ، فسقط بعضهم تحت العجلات ، و الذين كتبت لهم الحياة،
تهشمت ضلوعهم ، و بترت سيقانهم ، حادثة مروعة لم يحدث لها مثيل فى مصر من
قبل .
و أظنك عزيزى القارئ عرفت الآن لماذا كبا الجواد ؟ و لماذا تحرك
القطار قبل موعده ؟ و كيف حدث كل هذا ؟ لقد أراد الله أن ينقذ هؤلاء
الأشقاء الثلاثة من موت محقق.
أما الأخ الأكبر فقد انتقل إلى السماء ..
أما الأوسط فقد تكرس كاهناً.. أما الأصغر سناً فقد شاء الله أن نلقى عليه
المهام الجسام ! و أن يقود دفة الكنيسة إلى بر الأمان.

منقول
من كتاب مذكرات كاهن للقمص بطرس جيد
اذكرونى فى صلواتكم